تاريخ الإعاقة الذهنية

تاريخ الإعاقة الذهنية
بواسطة : نعيمة بلغازي | آخر تحديث : 2020/02/06

محتويات

  • الإعاقة الذهنية خلال العصور القديمة
  • النظرة إلى الإعاقة الذهنية خلال العصر الوسيط
  • النظرة إلى الإعاقة الذهنية في الإسلام
  • الإعاقة الذهنية خلال عصر النهضة
  • النظرة إلى الإعاقة الذهنية خلال العصور الحديثة
  • مقياس الذكاء للعالم ألفريد بينيه
  • المراجع

يُمكن أن نقيس تقدم المجتمع بمدى عنايته بالفئات الخاصة، باعتبار هذه الأخيرة كانت و لا زالت موجودة في جميع العصور و منذ أقدمها. و لقد اختلفت النظرة إلى هؤلاء الأفراد من عصر إلى آخر، كما لاقوا معاملات مختلفة، و ذلك تبعاً لمجموعة من المتغيّرات و العوامل و المعايير التي يتميّز بها كل مجتمع.

بالنظر إلى التاريخ، نجد أن العناية بهذه الفئة قد شكّلت نقلة بارزة،  فمن التعامل معهم باللامبالاة و القسوة، و محاولة التخلّص منهم بكل الوسائل المجرّدة من الإنسانية، إلى اعتبارهم يساهمون في إنتاج و اقتصاد المجتمع باستغلال ما لديهم من إمكانيات و قدرات .

هذه التحولات أتت بالتدريج و على مرّ العصور التاريخية الثلاث: القديمة و الوسطى و الحديثة .  

 الإعاقة الذهنية خلال العصور القديمة  

تميّزت المجتمعات الشرقية برعاية ذوي الإعاقة، و تربيتهم على عكس ما تميّزت به المجتمعات الأوروبية القديمة، التي كانت تتّصف  بالوحشية و القسوة .

ففي مصر الفرعونية أعطي اهتماماً ملحوظاً لرعاية الفقراء و الأيتام و الأرامل و العجزة و المحتاجين، و ساهم في ذلك طبيعة الدور الديني للكهنة في عملية تنظيم العلاقات الاجتماعية و الدينية، و الاهتمام بما يسمّى بالفئات الخاصة من المجتمع.

و لقد نادى الرومان و الإغريق القدماء بالتخلص لذوي الإعاقة اعتقاداً منهم بأنهم عالة على المجتمع. فقد سيطرت في هذه الفترة الفلسفة التأملية الذاتية التي نبعت في اليونان، حيث كان ينظر إلى الذكاء على أنه المثل الأعلى، و إلى الإعاقة العقلية على أنها انحطاط ذهني .

 النظرة إلى الإعاقة الذهنية خلال العصر الوسيط

 سنجد ذوي الإعاقة العقلية في هذا العصر، خاصة في العصور المسيحية الأولى، قد لاقوا تغييراً في النظرة إليهم، حيث أصبحت أكثر إنسانية، إذ وفّرت الأماكن الخاصة لإيوائهم و رعايتهم، إلاّ أنه و رغم ما جاءت به الديانات السماوية من تعاليم المحبّة و التسامح و الإخاء بين  البشر،  فسرعان ما عادت النظرة القديمة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، فقد استُخدِم هؤلاء الأشخاص كوسيلة للتسلية و الترفيه لأبناء الطبقة الحاكمة في بعض المجتمعات الأوربية، حيث ينظرون إليهم نظرة السخرية و الازدراء .

النظرة إلى الإعاقة الذهنية في الإسلام

 فقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بالضعفاء و المساكين و أبناء السبيل و ذوي العاهات، و حدّد الدين مسؤولية المسلم نحو مجتمعه، و أكّد على كرامة الفرد و احترامه، و قد نهت تعاليم الإسلام على كل علو و كبرياء أو سخرية من فئة مسلمة أخرى. و قد حرص الإسلام على المساواة بين مختلف الفئات في المجتمع و رعايتهم, و ذلك انطلاقاً من توجيهات القرآن الكريم و السنة النبوية، فيقول الله عز و جل: "ليس على الأعمى حرج و لا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج" و كذلك ما جاء في قوله تعالى: "و الذين في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم".

الإعاقة الذهنية خلال عصر النهضة

ففي أوربا ابتداءً من القرن السادس عشر و حتى نهاية القرن الثامن عشر، ظهرت قيمة الفرد لأول مرة في تاريخ أوربا، حيث بدأت تظهر أفكار المصلحين الاجتماعيين التي قام بها رجال الدين، أمثال مارتن لوتر, و على الرغم من الجهود التي كانت تلك الفترة، إلاّ أنّ الأمر ازداد سوءاً في مراحل الانتقال من هذه العصور إلى العصر الحديث، و ذلك نظراً للأوضاع السياسية, و الاقتصادية، و الاجتماعية المتدهورة في أوروبا، حيث تمّ وضع معظم الإشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في السجون للاعتقاد بأنهم مصابون بالأرواح الشريرة،  و ظلّ هذا الوضع تقريباً حتى نهاية القرن الثامن عشر، و بالتحديد عام 1790 حين ظهرت مجموعة من الإصلاحات و التشريعات الاجتماعية و الصحية من أجل رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة.

النظرة إلى الإعاقة الذهنية خلال العصور الحديثة

 حيث هُيّأت لهم فرصة التكافؤ و إعادة تربيتهم و مساعدتهم على الاندماج و التكيّف مع الحياة الاجتماعية، و ذلك بغية التمكّن من تحقيق تكيّفهم مع الحياة الاجتماعية و مسايرة متطلبات الحياة.

و قد بدأ الاهتمام بتعليم الأطفال المعاقين عقلياً في القرن التاسع عشر،  و كان أغلب من ساهم في هذا المضمار من الأطباء ''بنيه Binet'، و من هنا جاءت فكرة إنشاء مدارس خاصّة لتعليم المعاقين عقلياً، إلى أن أصبحت فيما بعد مشروعاً لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، و ذلك ليحصلوا على تعليم مناسب لقدراتهم، وتزداد المدارس و المؤسسات الخاصة لرعايتهم، كما تزداد الأبحاث و الدراسات و تعقد المؤتمرات الدولية من أجل هذه الفئة .

و على سبيل الإشارة فقط يمكننا أن نعتبر فرنسا من الدول التي اهتمت بتربية و رعاية هذه الفئة. و يعتبر الطبيب الفرنسي إيتارد، أول من حاول علاج الإعاقة العقلية على أساس فلسفة واضحة و هي الفلسفة الحسية، حيث كان من أنصار المذهب الحسي  التجريبي .
 و قد عثر على طفل في غابة أفيرون عمره حوالي 12 سنة أسماه فيكتور، و قد قام بتعليم طفل الغابة المتوحّش و صمّم له برنامجاً تربوياً لتعليمه،  و كان من أهدافه تنشيط الجهاز العصبي باستخدام الحواس مثل حاسة التذوق و اللمس و الشم، و على الرغم من أن إيتارد أعلن فشله إلاّ أنه وضع اللبنة الأولى في علاج الإعاقة العقلية  عن طريق تدريب الحواس، كذلك كان تقريره هو أول تقرير عملي على تدريب ذوي الإعاقة العقلية، و لم تكن جهوده مقتصرة على الأساليب الحسية، بل إنه أول من استخدم المبادئ النفسية في تعليم ذوي الإعاقة العقلية .

مقياس الذكاء للعالم ألفريد بينيه

 و نتيجة للاهتمام المتزايد بهذه المشكلة وضع العالم'' بنيه Binet أول مقياس للذكاء ظهر في العالم، و ذلك بهدف وضع طريقة موضوعية لتشخيص الأطفال المعاقين عقليا، و خلق برامج خاصة بهم حتى لا يتعرضوا للإحباط و القلق جرّاء وجودهم في فصول عادية، و ارتكزت فلسفة بينه في تربية ذوي الإعاقة العقلية في السعي لمعرفة الحالة العقلية لهم، و مدى قدرتهم على التعلم، و إمكاناتهم، و قد ركّز بينه اهتمامه على قياس الذكاء،  و التعرف على الأطفال ذوي الإعاقة العقلية بالمدارس العادية،  بالكشف عنهم بواسطة اختبارات سيكولوجية و تربوية، و بالمشاهدة الدقيقة لهم أثناء تعليمهم و إعداد البرامج التعليمية لهم، و من الجدير بالذكر أنه كان لإسهام بنيه في مجال تشخيص الإعاقة العقلية أهمية كبرى في التعرف على المعاقين عقلياً، و في تقسيمهم إلى فئات حسب مستوى إعاقتهم العقلية و نسبة ذكائهم، مما يساعدنا بالتالي على تقديم الرعاية النفسية، و الطبية، و التربوية لكل مستوى من مستويات الإعاقة العقلية بما يتناسب مع درجة إعاقتها. .

المراجع

  1. القرآن الكريم "سورة الفتح الآية 27" .

  2. القرآن الكريم "سورة المعارج الآية 24 و 25" .

  3. أمل معوض الهجرسي . تربية الأطفال المعاقين عقليا .مدينة نصر القاهرة . دار الفكر العربي . الطبعة الأولى  2002 .

  4. Phillipe Caspar : Le peuple des silencieux, une histoire de la dèficience mentale, Edition Fleurs psychopè-dagogie, 1ere edition 1994

  5. Realisé par l' observatoire de lْenfance en France sous la direction scientifique de Gabriel l 'engouet ,  l 'enfant handicapèe en france , Hachette 1999